تحدثنا في المقالة السابقة عن تعريف الفروق الفردية وعن المجالات التي تتقاطع فيما بينها دراسة "الفروق الفردية" من:
فقدمنا تعريف "علم النفس الفارقي" وتاريخه ورواده. ثم بعده علم الاجتماع الفارقي واهتماماته وقد تم بعدها ذكر تجارب بيداغوجية عبر التاريخ منها :
- علم النفس الفارقي
- علم الاجتماع الفارقي
- نظرية الذكاءات المتعددة ل غاردينر
- البيداغوجيات الحديثة وبلأساس : البيداغوجيا الفارقية
- وذكرنا "التفريق البيداغوجي"
فقدمنا تعريف "علم النفس الفارقي" وتاريخه ورواده. ثم بعده علم الاجتماع الفارقي واهتماماته وقد تم بعدها ذكر تجارب بيداغوجية عبر التاريخ منها :
•
طريقة دالتون : Le
plan Dalton بالولايات المتحدة الأمريكية
•
التعلم الإفرادي : مدرسة MAIL
بجينيف ( سويسرا )
وما نتج عنهما من تراكم للتجارب التي تراعي الفروق الفردية وتستجيب إلى حد معين لشروط وملاحظات البحثين النفسيين في علم النفس الفارقي وتتمة للمقالة نتطرق لتجارب أخرى أغنت الحقل التربوي والممارسة البيداغوجية كما سنتعرض للتجربة المغربية في المجال...بالإضافة إلى الحديث عن نظرية الذكاءات المتعددة باعتبار تقاطعها مع المجالات الأخرى في "الفروق الفردية" وإلى تعريف البيداغوجيا الفارقية وتطبيقاتها الصفية عبر التفريق البيداغوجي واشكاله ...
•
طريقة فريني C . FREINETحوالي 1949:
تستهدف تجربة فراناي في التفريق البيداغوجي تدريب
المتعلمين على الاستقلالية Autonomie
والتكفل الذاتي بعملية التعلم (التعلم الذاتي) وذلك من
خلال تشجيع المبادرات الفردية والعمل في إطار مجموعات وذلك بصفة تلقائية وتطوعية واختيارية عبر
انجاز العديد من الأنشطة والتي نذكر منها :
-
كتابة" النص الحر" Le texte libre؛- المراسلة
المدرسية La correspondance scolaire؛
-
انجاز البحوث والزيارات الميدانية؛- العناية بالتعاونية المدرسية La
Coopérative Scolaire؛
-
اعداد المنشورات والمجلات المدرسية؛- انجاز مذكرات تعلمية متنوعة (بصفة تعاقدية).
والجدير بالملاحظة أن تلاميذ فراناي يمسكون بطاقات شخصية
لمتابعة نتائجهم المدرسية وتطورها بصفة مستمرة.
أما مدونة فريني فهي تشتمل على أربعة أنماط من المذكرات :
-
مذكرات حسب الطلب Les fiches- demandes؛
-
مذكرات الأجوبة Les fiches-réponses؛
-
مذكرات روائز Les fiches-tests؛
-
مذكرات اصلاح الروائز Les fiches-corrections
•
مسلمات بورنLes
postulats de Burns
:
§
لا يوجـد متعلمان يتعلمان بنفس السرعة؛
§
لا يوجد متعلمان لهما استعداد للتعلم في نفس
الوقت؛
§
لا يوجد متعلمان يستعملان نفس التقنيات
الدراسية؛
§
لا يوجد متعلمان لهما نفس المرجعيات
السلوكية؛
§
لا يوجد متعلمان لهما نفس الاهتمامات؛
§
لا يوجد متعلمان لهما نفس الحوافز لبلوغ نفس
الأهداف.
§
التجربة المغربية :
لقد
تعايشت المدرسة المغربية منذ سنوات بعيدة مع الآراء الرائدة في التربية،
وخصوصا
الإسلامية منها، و التي كانت تؤكد على التنوع و الاختلافات بين الأفراد،و أن
التربية السليمة ينبغي أن تتلاءم مع طبيعة كل فرد، و كل مرحلة عمرية.
فكان العريف
في الكتاب يساعد الأطفال على حفظ القرآن الكريم وفقا لسرعة كل واحد في الحفظ و
إتقانه لما يحفظه.
وكان
الشيخ (الفقيه) يجمع بين مستويات معرفية متفاوتة جدا تبتدئ من السنوات الأولى
(الروض) حتى الدراسات العليا (الجامعية)،
دون أن يشكل له ذلك مشكلا، لأنه كان يعتمد على
التعلم الفردي الذاتي وعلى مساعدة الأقران؛
فكان
يكلف المتفوقين من المتعلمين بمهام مساعدة العريف والمتمثلة في مصاحبة الأطفال
الصغار و بطيئي الحفظ.
نظرية الذكاءات المتعددة
يُعد (جاردنر) مؤسس نظرية الذكاءات المتعددة،
وهو استـاذ وباحث في جامعة (هارفارد) الامريكية، وكان الميـلاد الحـقيقي للنـظريـة عـام 1983
عندما
نشر كتابه (اطر العقل Frames
of Mind ).
وجد جاردنر ان الذكاء ينظر له كقدرة عامة مفردة ، وان
اختبارات الذكاء السائدة تعطي درجة واحدة للفرد كمعدل عام عن ذكائه.
لقد دأبت مختلف
الأنظمة التربوية على إيلاء الذكاء اللغوي والذكاء المنطقي–الرياضي أهمية بالغة
مقارنة مع الذكاءات الأخرى؛ في حين أن المطلوب هو الاهتمام بمختلف الذكاءات نظرا
لحاجة المجتمعات إليها جميعها. ونظرا لأن
بعض الأفراد لهم استعدادات في ذكاءات دون أخرى، فينبغي احترام هذه الاستعدادات، دون الإضرار بالتنوع والتكامل المطلوب لتشكيل شخصية متوازنة
بعض الأفراد لهم استعدادات في ذكاءات دون أخرى، فينبغي احترام هذه الاستعدادات، دون الإضرار بالتنوع والتكامل المطلوب لتشكيل شخصية متوازنة
ومتكاملة ..... الدليل البيداغوجي 2009 ص28
تعريف البيداغوجيا الفارقية
استخدم هذا
المفهوم لأول مرة سنة 1973 عن طريق المربي الفرنسيLouis Legrand كمحاولة لتطبيق مجلوبات علم النفس الفارقي psychologie différentielle ، وذلك من منظور علم النفس التربوي Psychopédagogieويتمثل ذلك في البحث عن آليات جديدة في التدريس تراعي الفروق الفردية بين
المتعلمين. و يعرف “البيداغوجيا
الفارقية هي خيار
بيداغوجي يستخدم وسائل تعليمية مختلفة لمساعدة الأطفال المختلفين في العمر والقدرات
والسلوكات المنتمين إلى فصل واحد على الوصول بطرق مختلفة لتحقيق أهداف موحدة”
فيليب ماريو Philippe
Meirieu :
ويقترح Philippe Meirieu على المعلمين أو الأساتذة أسلوبين يتفق كلاهما مع مبادئ البيداغوجيا الفارقية:
◄ ويتمثل الأول في ضبط هدف واحد لمجموعة الفصل مع اتباع تمشيات مختلفة تفضي كلها إلى نفس الهدف.
ويقترح Philippe Meirieu على المعلمين أو الأساتذة أسلوبين يتفق كلاهما مع مبادئ البيداغوجيا الفارقية:
◄ ويتمثل الأول في ضبط هدف واحد لمجموعة الفصل مع اتباع تمشيات مختلفة تفضي كلها إلى نفس الهدف.
◄ويتمثل الأسلوب الثاني في تشخيص الثغرات الحاصلة عند كل تلميذ وضبط
أهداف مختلفة تبعا للأخطاء الملاحظة.
حسب هالينا برزسميكي فالفارقية
بيداغوجيا :
◄تتسم بالمرونة وتنوع التعلم
◄ تتيح للمتعلمين بناء القدرات
والمهارات
وفق مساراتهم الشخصية
◄هي بيداغوجيا تعتمد الوتائر
الفردية في التعلم
ويعرف مراد البهلول في رسالة الدكتوراه حول
البيداغوجيا الفارقية 1995 تحت إشراف فيليب ميريو، البيداغوجيا الفارقية كالآتي:
”تتمثل البيداغوجيا الفارقية في وضع الطرق
والأساليب الملائمة للفروق البين-فردية والكفيلة بتمكين كل فرد من تملك
الكفايات المشتركة، فهي سعي متواصل لتكييف أساليب التدخل البيداغوجي تبعا للحاجيات
الحقيقية للأفراد المتعلمين. هذا هو التفريق الوحيد الكفيل بمنح كل فرد أوفر حظوظ
التطور والارتقاء المعرفي.“
نستنتج من كل هذه التعاريف أن البيداغوجيا الفارقية ليست بنظرية جديدة
في التربية أو طريقة خاصة في التدريس بل هي روح عمل تتمثل في الأخذ بعين الاعتبار
خصوصيات المتعلمين من جهة والكفايات المستهدفة في البرنامج الرسمي من جهة أخرى
ولا يتمثل التفريق في إغراق كل فرد في فرديته بل في تمكينه من بلوغ أقصى ما يمكن أن يصل إليه من التطور المعرفي وتطور شخصيته في جميع أبعادها المعرفية والوجدانية والاجتماعية.
ولا يتمثل التفريق في إغراق كل فرد في فرديته بل في تمكينه من بلوغ أقصى ما يمكن أن يصل إليه من التطور المعرفي وتطور شخصيته في جميع أبعادها المعرفية والوجدانية والاجتماعية.
فالبيداغوجيا الفارقية إذن هي :
►بيداغوجيا مفردنة individualisée
تعترف بالمتعلم كشخص له تمثلاته représentations
الخاصة بالوضعية التعلمية.
► بيداغوجيا متنوعة variée تقترح العديد من المسارات التعلمية.
► بيداغوجيا تجدد التعلم والتكوين بفضل فتحها
لأكثر عدد من المنافذ لأقصى عدد من المتعلمين.
أسس ومرجعيات للبيداغوجيا الفارقية
مرجعية فلسفية تصورية:
-
الإيمان بقابلية
الفرد للتعلم
- الإيمان بقدرته على التطور وتميزه بطاقة
تعلم مفتوحة
مرجعية تربوية :
- الطفل مركز العملية التربوية فمن الواجب أن تكون المناهج والطرق هي التي تحوم حوله وليس العكس.
-
-العمل التربوي ينبغي أن يراعي الخصائص النمائية للمتعلمين.
-
مرجعية اجتماعية:
-
- مبدأ أو شعار تكافؤ الفرص ودمقرطة التعليم
-
- الوعي بدور المدرسة في تقليص الفوارق بين الطبقات الاجتماعية
-
مرجعية علمية:
-
- الدراسات في العلوم الانسانية وخصوصاعلم النفس الفارقي،
-
التي تؤكد الفروق الفردية بين الأفراد والمجتمعات عن طريق استخدام وسائل علمية
أهداف ودواعي اعتماد البيداغوجيا الفارقية
·
احترام الفروقات الفردية لدى المتعلمين
·
التخفيف من أسباب الفشل الدراسي
·
إثراء التفاعل بين المتعلميــــــــن
·
تحسين علاقة: مدرس- تلميذ
·
تحسين ثقة المتعلم في ذاتــــه
·
خلق الحافزية للتعلـــــــــــــم
·
ضمان حق النجاح في التربية
التفريق البيداغوجي
التفريق البيداغوجي : التفريق البيداغوجي
نهج يسعى من خلاله المدرس أو الفريق البيداغوجي إلى تنويع سيناريوهات الفعل
التربوي، وتتجاوز مجالات التنويع محتويات التعلم مضامينه، ليشمل السيرورات والبنيات التربوية، وما يرتبط بكل
ذلك من استراتيجيات وتقنيات ووسائل العمل.ومن أشكاله :
v تفريق البنيات
التربوية :
من غير الوارد الحديث عن فارقية المسارات
أو المضامين، دون اعتماد تفريق جيد للبنيات التربوية، فتدبير فضاء الفصل وحسن استثمار أركانه عامل
أساس لنجاح العملية التربوية، فكلما تم تنظيم الفضاء بشكل يراعي حاجات المتعلمين
وانتظاراتهم، كلما أتاح لهم ذلك فرص التفاعل والحركة والاستعمال الجيد لوسائل
العمل المتاحة. ومن جهة أخرى، فإن التدبير المعقلن للزمن المدرسي المعتمد على صيغ
مرنة ومتنوعة، من شأنه الرفع من أداء المتعلملت والمتعلمين، وتنمية قدراتهم على
التركيز والاستيعلب، كل حسب مؤهلاته وإمكاناته الذاتية.
v تفريق مضامين
التعلم:
تنطلق فكرة التفريق على مستوى المضامين من
مبدأ مراعاة قدرات المتعلمات والمتعلمين على الاستيعاب وحاجاتهم الحقيقية من
المعرفة، والتي تتفاوت بتفاوت إمكاناتهم الذهنية وميولاتهم الذاتية، على أن تفريق
المضامين لا يعني تخصيص كل متعلم(ة) بمقرر خاص، والتعامل مع المحتويات والمعارف
كجزر متناثرة، بل يفضل أن توزع جماعة الفصل إلى عدة مجموعات تعمل كل واحدة منها في
آن واحد على مضامين مختلفة يتم تحديدها في صيغة أهداف معرفية و/أو منهجية ( معارف
ـ فعل) و/أو سوسيو ـ وجدانية.، على أن يتم اختيار هذه الأهداف في النواة المشتركة للأهداف
المدمجة من لدن الفريق البيداغوجي أو المدرس.
v تفريق مسارات التعلم:
ويقتضي أن يأخذ المدرس بعين الاعتبار
اختلاف وتائر التعلم والاكتساب لدى متعلماته ومتعلميه، فيؤسس أشكال العمل التي
يقترحها بمعيتهم على التنوع والمرونة والاستقلالية، فيعمد تبعا لذلك إلى اعتماد
آليات متنوعة للاشتغال من قبيل التعاقد، والمشروع، والتقويم الذاتي، على أن ينطلق
ذلك من التحليل المسبق والدقيق لإمكانات المتعلمين وقدراتهم.
v شروط ضرورية لتطبيق الفارقية:
·
ربط علاقــة نوعية مع جميع المتعلميــن
·
تكوين فريق متعاون للعمل داخل المؤسســــة
·
التعامل بمرونة مع الزمن والفضاء المدرسيين
·
تنويع آليات ووسائل
التفريــــــــــــــــــــــق.
v أشكال عمل لتفعيل الفارقية:
يلخص الجدول
التالي مختلف أشكال العمل لتفعيل البيداغوجيا الفارقية والعمل على تنزيل ما توصل
إليه علم النفس الفارقي داخل الفصل الدراسي والحياة المدرسية.