انسجاما مع المستجدات التي تعرفها بلادنا والعالم من تفش متنام لفيروس كورونا وبلوغه أرقاما قياسية، قررت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي صيغة التناوب بين الحضوري والتعليم عن بعد التكميلي. ظهر معها مفهوم قديم جديد هو مفهوم التعلم الذاتي...
فما هو التعلم الذاتي؟ وكيف يمكن تدبيره التدبير الأمثل؟
اعتبارا للطبيعة الاستثنائية التي يتميزبها الدخول المدرس ي للموسم الدراس ي ا 2020-2021بسبب استمرار تداعيات جائحة كوفيد ،19ونظرا لتبني أنماط تربوية متعددة تستجيب من جهة لتطور الحالة الوبائية ببلادنا وتضمن من جهة أخرى فرص استفادة جميع المتعلمات والمتعلمين من حقهم في التعليم والتكوين، تأتي هذه الوثيقة في إطار التأطير والتوجيه تفعيلا للنمط التربوي القائم على التناوب بين "التعليم الحضوري" و"التعلم الذاتي" باعتباره نمطا تربويا جديدا وغيرمسبوق بنظامنا التعليمي ، يختلف عن النمطين الآخرين: " التعليم الحضوري" الذي كان معمولا به قبل الجائحة، و"التعليم عن بعد" الذي أسس له خلال الموسم الدراس ي المنصرم من أجل ضمان الاستمرارية البيداغوجيةبعد تعليق الدراسة الحضورية .
ويعد "التعلم الذاتي" مفهوما محور في أجرأة عملية التدريس بالتناوب، التي ينبغي اعتمادها في حالة وضعية وبائية تستلزم تطبيق التباعد الجسدي بالفصول الدراسية، وذلك على مستوى الأهمية والوزن حيث يشكل % 50 من الزمن الرسمي للتعلم وبنفس القدر الذي يخصص للدروس الحضورية، فضلا عن دوره في تحقيق الأهداف المتوخاة واستكمال عملية التعلم بشكل متكامل ومنسجم مع ما يقدم حضوريا، على اعتبارأن التعلم الحضوري والتعلم الذاتي يشكلان معا وحدة وظيفية متكاملة.
إن الأدبيات التي تناولت بالبحث والدراسة موضوع التعلم الذاتي، قد بينت أن هذا النوع من التعلم قمين بتجاوز مجموعة من الإكراهات التي تعيق التعليم في شكله التقليدي، ولعل أبرز ما يميزهذا التعلم هو تفعيله بشكل كبيرلمبادئ وأسس البيداغوجيا الفارقية التي تنادي بتنويع مسارات التعلم مراعاة للفروق الفردية، وأخذا بعين الاعتبارالقدرات الذاتية والاستعدادات الكامنة التي تختلف من متعلم إلى آخر.
لقد تم تبني هذا النوع من التعلم في إطار تفعيل النمط التربوي القائم على التناوب، مما يفرض على كل متدخل تربوي تكييف هذا التعلم مع التوجيهات الرسمية الصادرة في الموضوع من جهة ومع ما يميز التعلم الذاتي كأسلوب من أساليب التعلم الحديثة من جهة أخرى، وبذلك يغدو من الضروري التعامل معه كأنشطة ذات خصوصية تميزه عن الواجبات والأعمال المنزلية الاعتيادية.
سنحاول من خلال هذه الوثيقة، في جزئها الأول، تبيان ماهية هذا التعلم، عبر استعراض مختلف الأدبيات التي تناولت الموضوع استجلاء للمفهوم وتأطيرا لجوانبه المتعددة، ثم بعد ذلك توضيح كيفية تدبير هذا التعلم فعليا عبر تناوله إن على مستوى التخطيط أوالتدبيرأوالتتبع والتقويم، على أن يخصص الجزء الثاني من هذا العمل للتفصيل في آليات هذا المستوى الأخيرأي التتبع والتقويم....