-->
U3F1ZWV6ZTI2NjIwMzIxMTRfQWN0aXZhdGlvbjMwMTU3MTU0NjI5
recent
أخبار ساخنة

خصائص النمو في مرحلة الطفولة

 خصائص النمو في مرحلة الطفولة:



سوف نقصر البحث في هذا الجانب على مجموعة من الجوانب الأساسية هي النمو العقلي والانفعالي والاجتماعي والنفسي، نظراً لارتباطها الوثيق بموضوع البحث. وليس معنى ذلك أن الجوانب الأخرى لا تأثير لها، إنما لكونها بعيدة نوعاً ما عن موضوع بحثنا هذا، ذلك أن لكل جانب من جوانب النمو أثره المباشر أو غير المباشر في تكوين الشخصية ونمو السلوك.

أولاً: النمو العقلي:

يمثل الطـفل في هذه المرحلة علامة اسـتفهام حية بالنسبة لكل ما يحيط به. ويحاول في هذه الفترة (2 ـ 5 سنوات) الاستزادة العقلية المعرفية واستكشاف الأشياء التي تثير انتباهه إضافة إلى الخبرات التي يمر بها. ويؤكد ذلك سلوك حب الاستطلاع لدى الأطفال وتكوين المفاهيم كمفهوم الزمن والعدد والمكان... الخ. ويطَّرد نمو الذكاء حيث يكون إدراك العلاقات والمتعلقات عملياً بعيداً عن التجريد، ويمكن للطفل أن يلجأ إلى التعميم ولكن في حدود ضيقة. ويقول العالم النفسي (جان بياجيه)"إن الذكاء في هذه المرحلة وما بعدها يكون تصورياً تستخدم فيه اللغة بوضوح ويتصل بالمفاهيم والمدركات الكلية، إضافة إلى زيادة حدة الفهم والتعلم من الخبرة، وتركيز الانتباه ونمو الذاكرة والقدرة على التخيّل الإيهامي أو الخيالي وأحلام اليقظة. ويكون التفكير في هذه المرحلة ذاتياً حيث يدور فيه الطفل حول نفسه ويتجه إلى التفكير الخيالي البعيد عن الواقع والمنطق".

وفي الفترة 6 ـ 8 سنوات يؤثر الالتحاق بالمدرسة في نمو الطفل، وتستمر قدراته العقلية في النمو السريع فيتعلم الطفل المهارات الأساسية في القراءة والكتابة والحساب ويحب الكتب والقصص ويهتم بمواد الدراسة. ويطَّرد نمو الذكاء والتذكر الذي ينمو من التذكر الآلي إلى الفهم حيث تزداد قدرة الطفل على الحفظ وزيادة الانتباه وحدته. وينمو التخيل من الإيهام إلى الواقعية والإبداع والتركيب. ويتطور اهتمام الطفل بالواقع والحقيقة وحب الاستطلاع. ومن الملاحظ أن الطفل في هذه المرحلة لا يزال متمركزاً حول ذاته ولا تزال معظم مفاهيمه بسيطة مبهمة. ولكن بمرور الزمن تحدث تغيرات مهمة حيث التقدم في المفاهيم من البساطة إلى التعقيد ومن المفاهيم المبهمة إلى المفاهيم المتمايزة، والتقدم من المفاهيم المتمركزة حول الذات إلى المفاهيم الأكثر موضوعية ومن المادية المحسوسة الخاصة إلى المجردة المعنوية العامة، والتقدم من المفاهيم المتغيرة نحو الأكثر ثباتاً.

أما بالنسبة لمظاهر النمو العقلي في مرحلة الطفولة المتأخرة (9 ـ 11) فتتلخص في اطراد نمو الذكاء حيث يبلغ الطفل حوالي نصف إمكانيات نمو ذكائه في المستقبل. كما تتميز الدراسات الخاصة عن الذكاء والقدرة العقلية العامة. وتنمو مهارة القراءة بحيث يحب الطفل القراءة بصفة عامة ويستطيع أن يقرأ لنفسه ما يجذب اهتمامه للقراءة. وتتضح بصورة تدريجية القدرة على الابتكار والتي تمثل التفكير والعمل الإبداعي الجديد غير العادي كما لخصه. ومن ناحية أخرى، يستمر التفكير المجرد في النمو ويقوم على استخدام المفاهيم والمدركات الكلية، ويستطيع التفسير بدرجة أفضل من ذي قبل. أضف إلى ذلك التقييم وملاحظة الفروق الفردية. ويزداد مدى الانتباه ومدته. كما يتجلى التخيل الواقعي الإبداعي وتزداد القدرة على التعلم ونمو المفاهيم التي يزداد تعقدها وتمايزها وموضوعيتها وتجريدها وعموميتها وثباتها. وفي هذه المرحلة يتحمس الطفل إلى معرفة البيئة المباشرة ويزداد لديه حب الاستطلاع والاستكشاف، والنقد الموجه إلى كبار السن، والنقد الذاتي حيث يتحدى الأفكار بأسلوب جدلي.




ثانياً: النمو الانفعالي:

ينمو السلوك الانفعالي في هذه المرحلة نمواً تدريجياً وتكون له هذه المظاهر المميزة:

يزداد تمايز الاستجابات الانفعالية الجسمية. وتمتاز انفعالات هذه المرحلة بالشدة والمبالغة. هذا بالإضافة إلى التنوع والانتقال من انفعال لآخر. ويتركز كل الحب في هذه المرحلة حول الوالدين، وتظهر الانفعالات المتمركزة حول الذات كالخجل والإحساس بالذنب ومشاعر الثقة بالنفس والشعور بالنقص ولوم الذات.

ويتغير الخوف في هذه المرحلة بالزيادة أو النقصان نتيجة الشعور بالأمن والقدرة على التحكم في البيئة. وتظهر نوبات الغضب المصحوبة بالاحتجاج اللفظي أحياناً وبأخذ الثأر والانتقام أحياناً أخرى، وتصحب هذه النوبات حالات عناد ومقاومة وعدوان تزداد وتتخذ شكلاً ملحوظاً عند حرمان الطفل من إشباع حاجاته المختلفة.

وتتأرجح نيران الغيرة في نفس طفل هذه المرحلة عند قدوم طفل جديد للأسرة، حيث يشعر الطفل بتهديد رهيب لمكانته وموقعه في الأسرة. وفي نهاية هذه المرحلة يميل الطفل إلى الاستقرار الانفعالي.

أما مرحلة الطفولة الوسطى (6 ـ 8 سنوات) فيبرز فيها النمو من سرعة الانتقال من حالة انفعالية إلى أخرى إلى الثبات والاستقرار الانفعالي. إلا أن الطفل في هذه المرحلة لا يصل إلى النضج الانفعالي إذ أنه لا يزال قابلاً للاستثارة الانفعالية لوجود بقايا من الغيرة والتحدي والعناد.

ويتعلم الطفل في هذه المرحلة كيفية إشباع حاجاته بطرق مجدية وبنّاءة أكثر من إشباعها عن طريق نوبات الغضب. وتتكون لديه العواطف والعادات الانفعالية فيبدي الحب ويحاول الحصول عليه بكافة الوسائل مما يؤدي إلى تحسين علاقاته الاجتماعية والانفعالية مع الآخرين. ويتجه لمقاومة النقد وفي الوقت نفسه يميل إلى نقد الآخرين ويشعر بالمسئولية، ويستطيع تقييم سلوكه الشخصي.

ويعبر الطفل في هذه المرحلة عن الغيرة بمظاهر سلوكية كالضيق والتبرم ممن يسبب له هذا الشعور. ومن الملاحظ أن مخاوف الطفل في هذه المرحلة تكون بدرجات متفاوتة. ويمكن أن تشاهد للطفل نوبات من الغضب خاصة في مواقف الإحباط.

ويتميز النمو الانفعالي في مرحلة الطفولة المتأخرة(9 ـ 11 سنة)بمحاولة الطفل التخلص من الطفولة وشعوره بأنه قد كبر. وتمثل هذه المرحلة مرحلة الاستقرار والثبات الانفعالي التام، ويلاحظ ضبط الانفعالات ومحاولة السيطرة على النفس وعدم إفلات الانفعالات إضافة إلى وضوح الميل للمرح ونمو الاتجاهات الوجدانية.

وتقل مظاهر الثورة الخارجية حيث يتعلم الطفل كيفية التنازل عن حاجاته العاجلة التي يمكن أن تغضب والديه. ويكون التعبير عن الغضب عند طفل هذه المرحلة بالمقاومة السلبية والتمتمة ببعض الألفاظ وتغير تعابير الوجه. كما يعبر عن الغيرة بالوشاية ومحاولة الإيقاع بالشخص الذي يغار منه. ويحاط الطفل ببعض مصادر القلق والصراع، ويستغرق في أحلام اليقظة، وتقل مخاوفه. ويصبح الميول عنده أكثر تخصصية وموضوعية فلا يهتم بعمل إلا إذا كان يميل إليه.







ثالثاً: النمو الاجتماعي:

من أهم مطالب النمو الاجتماعي في هذه المرحلة أن يتعلم الطفل كيف يعيش مع نفسه وكيف يعيش في عالم يتفاعل فيه مع غيره من الأشخاص والأشياء إضافة إلى نمو الإحساس بالثقة التلقائية والمبادلة والتوافق الاجتماعي.

ومن أهم مظاهر النمو الاجتماعي في سن (2 ـ 5 سنوات) استمرار عملية التنشئة الاجتماعية في الأسرة وازدياد وعي الطفل بالبيئة الاجتماعية ونمو الألفة وزيادة المشاركة الاجتماعية. هذا بالإضافة إلى اتساع دائرة العلاقات والتفاعلات الاجتماعية.

ويتعلم طفل هذه المرحلة المعايير الاجتماعية التي تنمي لديه الوعي والإدراك الاجتماعي. وعلى صعيد آخر تنمو الصداقات حيث يبدأ الطفل بمصادقة غيره من الأشخاص مع بعض التحفظات. ويميل الطفل في نهاية هذه المرحلة إلى حب مساعدة والديه والآخرين، وتكون هذه المساعدة مصحوبة بكم كبير من الطلبات. أما الزعامة فإنها تكون وقتية لا تكاد تظهر حتى تختفي. ويحرص الطفل على المكانة الاجتماعية حيث يهتم بجذب انتباه الراشدين ومعرفة أوجه نشاطهم ولكن يعكر صفو ذلك بعض العدوان والشجار في شكل صراخ وبكاء.

ويتلوّن سلوك الطفل في هذه المرحلة بالأنانية والميل إلى المنافسة والعناد، كما يميل الطفل إلى الاستقلال في بعض الأمور الحياتية كتناول الطعام والملبس... إلخ، إلا أنه يبقى معتمداً على الآخرين في أمور كثيرة.

وينمو في هذه الفترة الضمير، وتبرز (الأنا العليا) التي يتضمنها الشعور والإحساس بما هو خير أو شر، محظور أو مباح... الخ. يضاف إلى ذلك سلامة التوافق مع الظروف البيئية الاجتماعية المختلفة واضطراب السلوك عند حدوث اضطراب أو تذبذب في معاملة الكبار والقلق من جراء فقد الرعاية.

هذا ويمتاز نمو الطفل في هذه المرحلة بالتوحد والتقمص، أي أن الطفل يشعر وكأن خصائص أحد والديه ـ عادةً ما يكون المماثل في الجنس ـ خصائصه هو.

ويمتاز هذا النمو في مرحلة الطفولة الوسطى بعدة خصائص كاستمرار عملية التنشئة الاجتماعية حيث تكون طاقات الطفل على العمل الجماعي ما زالت محدودة وغير واضحة. كذلك اتساع دائرة الاتصال الاجتماعي وازدياد تشعبها. وتزداد الصداقات لدرجة أن اللعب يكون أغلبه جماعيا مما يترتب عليه زيادة التعاون بين الطفل ورفاقه أو المنافسة الفردية والجماعية.

ويحصل طفل هذه المرحلة على المكانة الاجتماعية ويتميز بسعيه نحو الاستقلال وتعديل السلوك بحسب المعايير والاتجاهات الاجتماعية. كما تتسع دائرة الميول والاهتمامات وينمو الضمير والوعي الاجتماعي أكثر فأكثر. وقد يضطرب السلوك بسهولة إذا حدث أي صراع أو خلل في المعاملة من قبل الكبار.

وللنمو الاجتماعي في مرحلة الطفولة المتأخرة خصائص ومميزات أخرى تتلخص في زيادة احتكاك الطفل بجماعات الكبار واطراد عملية التنشئة الاجتماعية. هذا بالإضافة إلى زيادة تأثر الطفل بجماعة الرفاق حيث يكون التفاعل الاجتماعي على أشده ويشوبه التعاون والتنافس الفردي والجماعي وتنمو فردية الطفل وشعوره بفردية الآخرين إضافة إلى زيادة الشعور بالمسئولية والقدرة على الضبط الذاتي مما يمثل المحدد للسلوك المعبر عن الإيثار والكرم ومساعدة الآخرين.

وتتغير الميول وأوجه النشاط الطفولية إلى الاستقلال وحب الخصوصية، ويقل اعتماد الطفل على الكبار كما يطرد نمو الاستقلال ويتوحد الطفل في هذه المرحلة مع الدور الجنسي المناسب أو تبني الدور الجنسي، أي عملية التوحد مع شخصية من نفس الجنس. ويظهر في هذه المرحلة التوحد مع الجماعات وابتعاد كل من الجنسين في صداقته عن الجنس الآخر.

ومما سبق نجد أن الطفل في مرحلة الطفولة برتبها المختلفة يتدرج نحو تحقيق التوافق الاجتماعي الذي يمثل علاقة متناغمة مع البيئة تتضمن القدرة على إشباع أغلب حاجات الطفل والإجابة على أكثر المتطلبات الطبيعية والاجتماعية حيث يسعى الطفل للتعايش وفقاً للجماعات المحيطة به.

أما عدم التوافق فإنه ينشأ من صعوبة ملاحقة التغيرات في الوسط الاجتماعي والوقوف عند مرحلة أو فترة معينة.





رابعاً: النمو النفسي والحاجات النفسية:

تسيطر الدوافع الفسيولوجية على الطفل في سنواته الأولى، ومع نمو الجهاز العصبي والذكاء والملاحظة التي يقوم بها الطفل في الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه تظهر مجموعة من الحاجات النفسية التي تتوقف على بقاء الطفل في هذا الوسط، وأهم هذه الحاجات:

1. الحاجة إلى الأمن: وهي القوة التي تدفع الفرد لالتماس الاطمئنان على حياته الحاضرة ومستقبله بأي سلوك يكفل له تحقيق هذا الأمن. وهي التي تدفعه إلى البحث والتنقيب واستكشاف المجهول رغبة في الاطمئنان من ناحيته.

2. الحاجة إلى الحب: وهي القوة التي تدفع الطفل نحو التماس المودة والتقرب من غيره وهي في الوقت نفسه تمنحه فرصة الاندماج في المجتمع اندماجاً فعلياً.

3. الحاجة إلى المعرفة: وهي القوة التي تدفع الطفل إلى وضع كل ما يجده في فمه ليتعرف على ذوقه وطعمه، أي أنها القوة التي تدفع بالإنسان نحو التعلم والإطلاع والبحث. وتزيد هذه الحاجة بزيادة ما يحصل عليه الفرد من معرفة، فهي تشبع بمجرد إرضاء رغبة معينة.

4. الحاجة إلى التقدير والنجاح: وهي القوة التي تدفع الطفل إلى النجاح في العمل المعهود به إليه ليحوز على الإعجاب من قبل الوسط المحيط به إضافة إلى زيادة الثقة بالنفس وعلو القيمة الذاتية.

5. الحاجة إلى الاجتماع: وهي القوة التي تدفع الطفل إلى الاجتماع بالأفراد الآخرين رغبة في الشعور بالألفة نظراً لما تضفيه الحياة الاجتماعية على الأفراد من قوة واطمئنان للمستقبل وإشباع لمختلف الحاجات النفسية الأخرى.

6. الحاجة إلى الانضباط: وهي تتضح في ميل الأطفال إلى من يضع لهم القيود لحريتهم، فهم يحبون الحرية ولكنهم يضيقون بها إذا كانت مطلقة لأن إطلاقها يجعلها من نصيب الأقوياء دون غيرهم بينما تقييدها بحدود معينة يتيح للجميع فرصة التمتع بها. ولذا يفضل الأطفال المدرّس في بعض الأحيان على الوالدين إذ أنه يضع لهم حدوداً معينة يلزمهم بإتباعها ويعاقب الخارجين عليها.

الاسمبريد إلكترونيرسالة